بوابة حديدية مدهونة بالألوان الزاهية، تحاوطها الحقول الزراعية من كل الجهات، وتطل على ضفاف النيل، هكذا تركت عجوز ألمانية تدعى «ديدي»، بلادها وجاءت إلى أكثر القرى فقرًا في مصر، لتختار موقعًا هادئًا في قرية «البحاروة» بمركز العياط جنوب محافظة الجيزة، وتحول منزلها إلى مدرسة لتعليم الأطفال بالمجان.
البداية جاءت عند زيارتها لإحدى صديقاتها المتزوجة بشخص مصري، وتسكن بعزبة البحاروة الواقعة على بعد 50 كيلومتر تقريبا من مدينة العياط، وتفتقد تلك القرية لوجود مدرسة حكومية بها، ومن هنا جاءت الفكرة لــ”ديدي”، صاحبة الــ74 عامًا، بإنشاء مدرسة لأطفال العزبة لتعليمهم بالمجان.
وبمجرد أن تصل بقدميك إلى المنزل ستجد سيدة عجوزا تعلق سبورة فى فرع شجرة، وستسمع أصوات الأطفال يتسابقون في رفع أصواتهم وهم يتعلمون اللغة العربية أحيانًا، وفي أوقات أخرى يتحدثون الإنجليزية، كما ستشاهد العديد من الرسومات المعلقة على جدران المنزل، والتي رسمها الأطفال بالمدرسة، بالغضافة للعديد من الأشكال الفنية المصنوعة بالخشب والصلصال.
وقالت الألمانية “ديدي”، إنها جاءت إلى مصر منذ عام 2011، واختارت الاستقرار بعزبة ” البحاروة” لتحقيق حلمها بمساعدة وتعليم الأطفال الغير قادرين بالعزبة، قائلة : ” تعليمها لطفل واحد في العالم يكفيني لأن أرحل عن الحياة وأنا أفتخر بما صنعته”.
وأشارت ” ديدي” إلى أن المدرسة تستقبل الأطفال من سن العامين وحتى وصول الأطفال للمرحلة الإبتدائية، مشيرة إلى أن بعض الأطفال في المرحلة الإبتدائية يأتون إلى مدرستها بعد وقت الظهيرة.
بدأت “ديدي” بتعليم الأطفال اللغة الإنجليزية فقط في البداية، ثم تطورت بعد ذلك لتشمل اللغتين العربية والإنجليزية، بجانب العديد من الأنشطة والألعاب مع الأطفال.
وتحكي “ديدي” أنها في بداية الأمر كان يظن الناس أنها لديها العديد من الأموال وكانوا يستغلونها، ولكن انتهت تلك الفكرة بمرور الزمن، قائلة :” الناس دلوقتي بتساعدني في العزبة وأوقات بيجبولي أكل”.
وقالت “هاجر” إحدى طالبات المدرسة : ” فيه مدرسات بيعلمونا عربي وأول حاجة تعلمناها هي الحروف الأبجدية، وهناك مدرسات بتعلمنا إنجليزي، وفي وقت الفسحة نقوم بممارسة العديد من الأنشطة مع ” ديدي” مثل الألعاب والعرائس”.
وقالت “ديدي” ، إن موقع المدرسة بجوار النيل، يجعل الأطفال يشعرون بالهدوء والاسترخاء وكأنهم في بيتهم الثاني، مشيرة إلى أن فكرة المدرسة الأساسية هي أن يتعود الأطفال على المدرسة.
وتابعت ” ديدي” : ” أريد أن أفعل شيء له قيمة في الحياة، ويغير العالم ، التعليم هو السبب الأساسي في التنمية، التعليم موجود في كل مكان في المدرسة والشارع والبيت”.