28/03/2024

أزهريون عن إنشاء الإفتاء وحدة للفتاوى بالرسوم المتحركة: تجديد للخطاب الديني

أشاد عدد من علماء الأزهر والأوقاف، بمبادرة إنشاء دار الإفتاء المصرية، وحدة للفتاوى الصوتية القصيرة المصحوبة بالرسوم المتحركة “موشن جرافيك” واستخدامها في الرد على الأفكار المتطرفة بطريقة سهلة وجذابة.

واعتبر هؤلاء أن تلك الخطوة ممتازة ضمن خطوات تجديد الخطاب الديني، فيما طالب باحث فى الحركات الإسلامية، المؤسسات الدينية بانتاج فقه جديد يواكب العصر مع استخدام الوسائل الحديثة فى تقديم الخطاب الديني.

ووفقا للبيان الصادر عن دار الإفتاء ستعمل الوحدة الجديدة على عرض الأفكار المغلوطة التي ترددها جماعات الظلام ثم الرد عليها ودحضها بطريقة ميسرة عن طريق تقديم المعلومات والفهم الصحيح عبر تقنيات الرسوم المتحركة.

ومن جانبه قال الدكتور محمد مأمون ليلة مدرس مساعد بجامعة الأزهر، إن إنشاء وحدة لتوصيل الفتاوى والآراء الدينية عن طريق الرسوم المتحركة فكرة رائعة تستحق كل الشكر والتقدير، ووسيلة ممتعة في الوصول إلى فئات المجتمع المتعددة، ومخاطبة القلوب والعقول.

وأضاف أنه يرى  أنها لو طعّمتْ بعدة فتاوى من أشهر علماء المذاهب الأربعة القدامى والمعاصرين بحيث تظهر على الشاشة كعرض فقط أثناء الكلام في القضية المطروحة؛ لكان جيدا، خاصة أنها مع الكلام ستبني فكرة قوية للمشاهد؛ لنها تخاطب عقله وحواسه وقلبه.

واقترح محمد ليلة، أن يظهر على الرسوم المتحركة أكثر من صوت، بمعنى أن تناقش القضية كقصة أو مشهد أو محادثة بين أكثر من فرد، كفيلم تمثيلي مصغر، موضحا أن هذا أسرع في الوصول إلى كل الطبقات خاصة الصغار والشباب التي تكره الملل، وتحب التنوع والتغيير، ويمكن أن تصور الفتوى بهذه الصورة، بحيث يفهم السائل الفتوى بطريقة تمثيلية تقريبية، يصعب نسيانها بعد.

كما اقترح عدة موضوعات لتنفيذها بهذه الصورة: الإرهاب، وأهمية التصوف، والالتزام بالآداب العامة والأخلاق، وأهمية مراعاة التخصص، وأنه لا يمكن أن نسير بالأمة على قول واحد في الفروع الفقهية، وتربية الناس على فقه الخلاف.

بالإضافة إلى وقبول الآراء الفقهية المتعددة واحترامها، وأن يسأل الإنسان العامي من يثق به من علماء بلده خاصة المؤسسات، أو يلتزم بقول مذهب فقهي إلا ما تأكد فيه غلطه وشذوذه؛ لمصادمته النص الصريح الصحيح مصادمة ظاهرة فيلتزم الحق، مع التفريق بين القول الشاذ وصاحبه، فيحترم العالم ويوقر، ولا يؤخذ بقوله الذي نص جمهور الأمة على شذوذه.

وشدد المدرس المساعد بالأزهر، على ضرورة الاستعانة بمؤسساتنا وعدم استيراد فكرنا الديني من الخارج، لافتا إلى أن كل بلد له واقع يختلف عن الآخر، وعادات وتقاليد، فضلا عن هيمنة الهيئات السياسية على بعض دور الإفتاء في بعض الدول؛ فتحركها لأجل مصلحتها، وتخرج الفتاوى على هذا الأساس؛ فتضر غيرها من البلدان؛ ولهذا يجب احترام خصوصية دور الإفتاء في كل بلدة.

وتابع: “ومن هنا يسود الاحترام والمحبة بين طوائف الأمة، وننطلق نحو البناء والتجديد، وستختفي مظاهر العبثية والشذوذ الفقهية المعاصرة، والتي يتمثل بعضها في منهجية أسموها القول الراجح، الذي هو في الحقيقة تقليد لبعض أهل العلم الذين لم يبلغوا قدرا وعلما ما بلغ أئمة المذاهب المتقدمين”.

أما الشيخ عاشور أبو العلا، أحد علماء وزارة الاوقاف، فوصف ما قامت به الإفتاء، بأنها خطوة ممتازة وموفقة جدا، مضيفا : “هذا ما تعودناه عن الأزهر الشريف ودار الافتاء وعلى العموم هذا ما تعودناه من المؤسسات الدينية الرسمية في مصر الحبيبة، وهذا التطوير فيتجديد الخطاب الديني كان أمرا لابد منه لمجابهة الأفكار المتطرفة ولمحاربة التطرف بكل صوره”.

وأضاف أبو العلا، أن الآمال كلها معقودة علي المؤسسات الدينية الرسمية في مصر ممثلة في ازهرها واوقافها ودار الافتاء المصرية، وأن القائمين على هذه المؤسسات بدون مجاملة من علماء الأمة المستنيرين المخلصين وعلى رأسهم الإمام الأكبر الدكتور احمد الطيب شيخ الأزهر، والدكتور محمد مختار جمعة وزير الأوقاف، والدكتور شوقي علام مفتي الديار المصرية.

ووتابع: “علينا جميعا أن نسمن من هذه الخطوة وعلي جميع مؤسسات الدولة أن تتضافر بكل ما تملك من وسائل وأدوات لنشر صحيح الدين والتوعية الدينية الوسطية حتى يندحر الإرهاب والتطرف، فلن نستطيع القضاء علي التطرف والتشدد إلا إذا جددنا الخطاب الديني الوسطي حتي يصل إلى جميع فئات المجتمع واطيافه، وعلينا أن نسخر كل الطرق والوسائل والأدوات في سبيل تحيقيق هذا الهدف النبيل”.

في المقابل قال سامح عيد الباحث فى الحركات والمؤسسات الإسلامية، إن تبذله دار الإفتاء المصري وغيرها من المؤسسات الدينية في مصر من جهود ومنها استخدام الأساليب التكنولوجية الحديثة فى الدعوة أمر جيد، ولكننا نحتاج من هذه المؤسسات أن تخرج لنا بفقه جديدة يتجاوز الأئمة الأربعة أبو حنيفة ومالك والشافعي وأحمد بن حنبل.

وأضاف عيد: “ما احترامنا لما قدمه الأئمة الأربعة من علم، إلا أننا نحتاج إلى فقه جديد فى المعاملات وعلاقة الدين بالمجتمع وبالسياسة والأحوال الشخصية، بناء على المقاصد العليا للشريعة الإسلامية”.

وأشار عيد إلى أنه مع الأخذ بآراء الأئمة الأربعة فيما يتعلق بفقه العبادات والطهارة، أما أمور الحياة المعاصرة التى نعيشها فتحتاج إلى فقه جديد يناسبها، وذكر أن عمر بن الخطاب تجاوز النص القراني في 3 مواضعا، بالتالي قاعدة لا اجتهاد في النص غير صحيحة، على حد قوله.

وتزامنًا مع قرب المولد النبوي الشريف تطلق دار الإفتاء عدة فيديوهات للرسوم المتحركة ترد فيها على من يحرمون الاحتفال بمولد النبي صلى الله عليه وآله وسلم والفرح به، ومن يحرمون شراء حلوى المولد وغيرها من الأفكار المتشددة، تتبعها مجموعة أخرى للرد على دعاوى التكفير، وقتل الأبرياء، وتصحيح مفهوم الجهاد، والخلافة، وغيرها من دعاوى المتطرفين.

وبدوره أكد الدكتور إبراهيم نجم مستشار مفتى الجمهورية، أنه الوحدة تعتبر وحدة الرسوم المتحركة إحدي توصيات مؤتمر الإفتاء الماضي، والتى نصت على ضرورة ابتكار الأساليب والوسائل الجذابة والفعالة التي تحول دون التمدد الفكري لتيارات الإرهاب التي تتخذ من الفتوى سلاحًا فتاكًا لتنفيذ أجندات خارجية تسعى إلى التخريب في أعماق دول العالم المستهدفة من جماعات الظلام ومن بينها مصر.

وأوضح أن الوحدة الجديدة ستكون متخصصة لإنتاج أفلام رسوم متحركة لبلورة ردود قصيرة على دعاة التطرف والإرهاب في قوالب تكنولوجية حديثة تمكنها من الوصول إلى الشرائح المتعددة داخل المجتمع، خاصة فئات الشباب، وترد على الدعاية المضادة والمضللة من جانب الجماعات المتطرفة التي تنشط في مجالات التكنولوجيا والتصوير، لافتًا إلى أنها تستمد المادة الإفتائية التي تعمل عليها من مواد الرصد التي تصل إليها الوحدة القائمة على المؤشر العالمي للفتوى الذي أعلنت عنه دار الإفتاء مؤخرًا.

تصنيفات