19/04/2024

الدروس الخصوصية «أكل عيش» وليست مجرد تعليم

بدون الدروس لا يوجد تعليم!

الدروس الخصوصية عصب التعليم الآن، في زمن انعدم فيه التدريس داخل المدارس الحكومية، وحتى الخاصة، فمن أين يتعلم الطالب؟ أيتعلم من عقله الموقوف عن العمل نظرًا إلى عدم تشغيله بسبب قلة المعامل المدرسية، والخبرات من قبل المعلمين، فيتجه الطالب إلى الدروس الخصوصية ليحفظ ما يلقنه له مدرسه دون سؤال أو جواب، دون فهم ودراية، إلا من رحم ربي، لا أقول لكم إننا لم نحضر مثل هذه الدروس، بل لقد حضرناها جميعًا بلا كسل وبلا تردد؛ لأن المدرسة كانت بالنسبة لنا فسحة من بيتنا، أو ملعبًا نلعب فيه كرة القدم بفناء المدرسة، أو بلغة أخرى حوشها، وبالدروس الخصوصية تخرجنا من الثانوية العامة بدون أن نعرف من مدرس المادة المعينة داخل مدرستنا! فهل من راد على ذلك؟ تخرجنا منها على خير بفضل الله أولًا، ثم بفضل الاجتهاد منا ثانيًا، ثم بفضل الدروس الخصوصية بعد، ولماذا الفضل الثالث – فضل الدروس الخصوصية– ليس فضل المدرسة؟! ألم نتخرج منها؟! ألم نحمل اسمها على شهاداتنا، الإجابة ببساطة؛ لأنه لا يوجد مدرسة! نعم لا توجد أمامنا، وإنما يوجد أمامنا مجمع للمدرسين يتشاورون في أمورهم، ويدخنون إلا من رحم ربي، ولذا لم نتعود على الذهاب إليها لذلك السبب فقط، وتباعًا طمرت المدرسة، ونسجت هكذا في أذهاننا، وإن لم يكن هناك تغير في ذلك الاعتقاد الذي هو في أذهاننا، فلا داعي للمدرسة قط.

الدروس الخصوصية «أكل عيش» وليست مجرد تدريس

المدرس الذي تخرج من كلية التربية، أو من أي جهة هيأته لأن يصبح مدرسًا لم يتلق تعيينًا في وزارة التربية والتعليم ليسد بذلك حاجة أولاده فلا يعرف! فلا يجد سوى أن يتجه إلى المدارس الخاصة ليعمل فيقبض ثمنًا بخسًا، فلا يجد أمامه سوى الدروس الخصوصية ليجمع الأموال ليعيش! السبب الوحيد لكونه يريد أن يعيش.

التصريحات لا تغني ولا تسمن من جوع!

ولا فائدة من التصريحات، فذلك المدرس سيدفع مرة ويهرب من 10 مرات أخرى، وهذا سيلجأ إلى قريب يعفيه من دفع رسوم التصريح، والآخر الذي يمارس مهنة التدريس الخصوصي لكونه لا يعمل بمدرسة حكومية كانت أم خاصة، فهل يأكل أولاده؟

لماذا العقوبة إذن؟

لا فائدة من تغليظ العقوبة! نعم، لا فائدة سيادة الوزير من تغليظ العقوبة، فعند بدايتها ستجد المدرسين يقدمون الدروس الخصوصية لذويهم وطلابهم سرًّا، ليلًا ونهارًا، في بداية صدور قرار حضرتك، ثم تبدأ الدروس الخصوصية تعود كما كانت دون جدوى من التغليظ أو من العقوبات الرادعة.

المستقبل يحكم

نظرة المستقبل خير، فلننظر إذا منعت الدروس الخصوصية تمامًا حق الكلمة، فبكل بساطة سيتجه الطلاب إلى الإنترنت أو بالتحديد إلى يوتيوب (YouTube) ذلك المنجد الوحيد لهم، ذلك من الطلاب المتقدمين من الحالة الاجتماعية، ولكن من الطلاب الأقل راحة في حالتهم الاجتماعية كما قلنا، إن عقولهم لم تعد للاستيعاب تلقائيًّا كمثال قريب جدًّا من حياتنا اليومية، والنتيجة أنهم سوف يرسبون، ومن ثم سيتم إطاحة التعليم في مصر، وسوف نكون شماتة للشامتين، ونحن لسنا في حاجة إلى ذلك! وكيف نقدم منهجًا جديدًا يقوم على اللوحة الرقمية الذكية أو بلغة أخرى Tablet، ونحن غير قادرين على توفير درس يشرح فيه للطالب، كما كنا نحن طلاب بالثانوية العامة منذ أعوام قليلة جدًّا، وكما نحن الآن بالتعليم الجامعي الذي يندر فيه الدرس الخصوصي جدًّا، والمنهج الجديد يتطلب مناخًا خاصًا داخل مدارسنا وهو – للأسف- لا يتوفر بيننا الآن، فإذن لا جدوى من تغليظ عقوبة الدورس الخصوصية.

هذا المقال يعبر عن رأي كاتبه “متولي حمزة”

تصنيفات