16/04/2024

ملاكمات من غزة يضربن بـ«قفازاتهن» تقاليد مجتمعية

تتفقد الشابة الفلسطينية إكرام طوباسي (22 عاماً)، وثاق واقي الرأس “الاسفنجي” الذي ترتديه، كما تلقي نظرة أخيرة على قفازاتها حمراء اللون، قبل بدء مباراة “الملاكمة” النسوية الودية.

وداخل حلبة تدريب صغيرة، تقع في مقر اللجنة الأولمبية الفلسطينية بمدينة غزة، تقف “الحكم” بين المتبارزتين الشابتيْن، وتضرب يدها بالهواء وهي تقول بصوت مرتفع: ” بوكس” (في إشارة منها لبدء المباراة الودية).

وتبدأ المتبارزتان، الملتحقتان في الدورة التدريبية الأولى (التأسيسية) لرياضة الملاكمة، بلكم بعضهما البعض، بالضربات التي تعلمتاها خلال الدورة؛ سواء “الضربات الصاعدة، أو الجانبية، أو المستقيمة”.

وتطلق الشابات المتدربات والمتابعات للمباراة “الودية” صرخاتهن تشجيعاً لزميلتيْهن المتبارزتين.

ولأول مرة على مستوى قطاع غزة، تُخصص دورة تدريبية لتعليم الفتيات أصول رياضة “الملاكمة”.

والتحق في الدورة حوالي 40 طالبة جامعية تتراوح أعمارهن ما بين (19-22) عاماً، وغالبيتهن من تخصص التربية الرياضية، بحسب اتحاد الملاكمة.

وتقول المتدربة طوباسي، وهي طالبة في تخصص الصحافة والإعلام في الجامعة الإسلامية بغزة: ” يعتبر هذا النوع من الرياضة بالنسبة لنا شريحة الشابات بغزة تغييراً نوعياً”.

وتمارس طوباسي رياضة الملاكمة من باب “الهواية، واستغلالاً للوقت بأمور أكثر فائدة”.

وتوضح أن التحاقها بذلك النوع من الرياضة قد يساعدها في مجال تخصصها الصحفي في المستقبل، كونها تطمح لأن تكون إعلامية رياضية.

كما أن هذا النوع من الرياضة يعزز من ثقتها بنفسها، ويساعدها على اكتساب الخبرات اللازمة لـ”الدفاع عن النفس”، كما قالت.

وأعربت طوباسي عن رغبتها في الاستمرار بالالتحاق بالأنواع المختلفة من الرياضات خاصة التي تعتمد على بذل الجهد الكبير.

ورغم الدعم الذي لاقته طوباسي من عائلتها وبعض الأصدقاء المحيطين، إلا أنها واجهت بعض الانتقادات سواء من المحيطين أو عبر وسائل التواصل الاجتماعي، كون رياضة الملاكمة “ذكورية أكثر منها للإناث”، على حدّ قولها.

وتتابع مستكملةً: ” الانتقادات تركزت على محور كيف للفتاة أن تمارس رياضة الملاكمة، عدا عن أن المدربين من فئة الشباب (الذكور)”.

وكون المجتمع الغزي مجتمعاً محافظاً، فإن فكرة تدرب الفتيات على يد مدربين شباب خاصة في بعض أنواع الرياضات كـ”الملاكمة”، لا تلقَ قبولاً شعبياً.

وتعرب الشابة طوباسي عن أمنياتها في تغيّر النظرة المجتمعية حول ثقافة مشاركة المرأة في المجالات الحياتية المختلفة.

وتقول: ” نحن لسنا فقط شعب نعيش الحروب والدمار ونصدّر هذه الصورة عنا للعالم الخارجي، بس نحن شعب مقاوم، يحب الحياة واللعب، ويحاول إظهار صورته الإيجابية ووجهه الآخر للعالم”.

وفي قطاع غزة، تُبدي بعض الشابات اهتماماً ملحوظاً بأنواع مختلفة من الفنون كـ”الدبكة، والموسيقى”، أو الرياضات “كالملاكمة والكراتيه”، متحديات بذلك الأعراف التي انبثقت عن مجتمعٍ محافظ يرفض ثقافة مشاركة المرأة في تلك المجالات؛ خاصة ما يستدعي الاستعراض أمام الجمهور أو الاختلاط بالرجال.

أما إيمان أبو كويك، عضو اتحاد الملاكمة، ومشرفة التربية الرياضية في مديرية شرق غزة (تابعة لوزارة التربية والتعليم)، فتقول: ” دورة الملاكمة النسوية هذه، تأسيسية وأولى من نوعها على مستوى قطاع غزة”.

وتتابع، خلال حديثها لـ”الأناضول”: ” لأول مرة تتمكن الفتيات في قطاع غزة للمشاركة بهذا النوع من الرياضات، التي كانت حكراً على الرجال فقط”.

و تعتبر أبو كويك رياضة “الملاكمة” من أفضل الرياضات الموجودة بـ”نوعيتها”.

وتقول إن المسؤولين عن تلك الدورة لاحظوا رغبة “الشابات في تعلم أصول الملاكمة، وتطوير أدائهن”، إذ انعكس ذلك على “التزامهن بمواعيد التدريب”.

وفي ذات الوقت، تشير أبو كويك إلى أن اتحاد الملاكمة واجه عدة انتقادات بخصوص مشاركة الفتيات في هذه الرياضة، لكن نجاح الفتيات فيها كان تحدياً لتلك الانتقادات، وكسراً للتقاليد المجتمعية، كما قالت.

وتعتبر أبو كويك أن نجاح اتحاد الملاكمة في انجاز هذه الدورة، وتخريج الشابات منها، تحدياً للظروف التي تحدّ من مشاركة الفتاة في مثل هكذا رياضات.
وتذكر أن “رياضة الملاكمة ساعدت الفتيات في تعزيز ثقتهن بأنفسهنّ، إلى جانب إكسابهن خبرات فيما يتعلق بالدفاع عن النفس”.

واقتصرت ممارسة “الملاكمة” في قطاع غزة ، خلال الأعوام السابقة، على الرجال فقط، بينما يتوقع القائمون على الاتحاد أن تكسر تلك البداية، ما وصفوه بـ”احتكار الرجال” لهذه الرياضة.

و”الملاكمة” واحدة من الرياضات العالمية، التي يعتمد ممارسوها على الهجوم بقبضاتهم (لكم بعضهم)، في عدة جولات (لا تزيد الواحدة عن ٣ دقائق)، وتقوم على تفادي الملاكم للكمات خصمه في ذات الوقت الذي يحاول توجيهها له.

تصنيفات