20/04/2024

هكذا تناول الأزهر صورة المسيحي في مناهجه

كثير ما اتهمت مناهج الأزهر الشريف بالتطرف وتفريق الإرهابيين خلال السنوات الأخيرة، خاصة مع كل حادث إرهابي يستهدف الإخوة الأقباط فى مصر، وفى كل مرة يخرج قيادات هذه المؤسسة العريقة ليؤكدوا للرأى العام أن الأزهر يؤمن بأن المصريين جميعا شركاء فى الوطن، وأنهم -مسلمين وأقباطا- مواطنون متساوون فى الحقوق والواجبات، وأن الجميع سواسية فى بناء الوطن ودفعه للتقدم والإصلاح.

من جانبه أشاد الدكتور كمال حبيب الباحث  فى الحركات والمؤسسات الإسلامية، بما يقوم بالأزهر كمؤسسة بتطوير مناهجه وتجديد فكره، لافتا إلى أن الأزهر فى السابق كانت مؤسسة عتيقة تقاوم التجديد، لكن ما نراه اليوم من تطوير أمر ممتاز وجيد، مشددا على ضرورة أن يجدد الأزهر دمائه بمشايخ لديهم قدر من الاستنارة والتواصل مع الواقع والتماشي مع العصر.

 

وطالب حبيب، فى تصريح لـ”مصر العربية” بضرورة أن تتركز عملية التطوير على طرح قضايا جديدة بجانب إعادة قراءة التراث القديم بشكل عصري، بحيث تعاد صياغة القضايا المتعلقة بالواقع والمتغير فى الشريعة، مضيفا :”هناك قضايا فى الفقه القديم تحتاج إلى إعادة تحرير ولا تترك كما هى فى الكتب كقضية الجزية، ومفهوم الجهاد وشكله الحديث الذى يتم بإذن الدولة وليس جماعات، وإعادة النظر إلى المرأة وعدم إهمالها، وكذلك إعادة النظر فى مفهوم الخلافة والفكر السلطاني القديم والإشارة إلى أن الأمر اختلف وأصبح لدينا دستور يحدد العلاقة بين الحاكم والمحكوم، وأيضًا التركيز فى التنوع فى الخلق والمساواة فى الأصل البشري، مشددا فى الوقت ذاته على التركيز على مادة أصول الفقه أكثر من الفقه، وتأليف علم كلام جديد.

وبدوره أكد الدكتور عبد الله النجار عضو مجمع البحوث الإسلامية، أنه شارك فى عملية تجديد المناهج الأزهرية، موضحا تغييرها بالكامل، وتأليف كتب جديدة للأطفال الصغار على نحو ينشر الوسطية والتسامح على نحو ينتشل هؤلاء الأطفال من براثن الفكر الإخواني.

 

وأشار النجار إلى قيام الأزهر بوضع مناهج للطلاب فى الكليات العملية كالطب والهندسة والزراعة، تتضمن الوسطية فى الفقه الإسلامي فى المهنة التى يمارسها الطالب.

 

وكان المركز الإعلامي للأزهر نشر اليوم الإثنين، ملخصا لما تضمنته المناهج الدراسية التى يدرسها الطلاب فى المراحل المختلفة عن المسيحين.

 

المرحلة الإبتدائية

ففى المرحلة الإبتدائية وضعت لجنة التطوير بقطاع المعاهد الأزهرية، منهجا جديدا لمادة التربية الدينية الإسلامية، منذ ثلاثة أعوام، بهدف توضيح العلاقة بين المسلمين والأقباط، وتوضيح مفهوم المواطنة بشكل بسيط وسهل ليعرف الطالب منذ صغره أن الجميع تحت مظلة وسماء الوطن متساوون فى الحقوق والواجبات لا فرق بين مسلم أو مسيحى.

 

كما تم تضمين الكتب تفسيرِ بعض آيات القرآن الكريم؛ بما يضمن سلامة الفهم، وإتقان قراءة القرآن، بجانب مجموعة ميسرة من فقه العبادات والمعاملات، مدعمة بالصور لفهم الدروس، بما يتناسب مع المرحلة العمرية للطلاب.

 

وحرص كتاب التربية الدينية المقرر على المرحلة الابتدائية فى الترم الأول على إظهار طلاب المعاهد الأزهرية وهم يلتقون بصديقهم المسيحى، وهم يحيونه ويتحدثون معه، ففى صفحة «45» بكتاب الصف الأول الابتدائى يقول الكتاب «خرج التلاميذ من المعهد بعد انتهاء اليوم الدراسى والتقوا كعادتهم بصديقهم مينا وأثناء سيرهم فى الطريق وجدوا حجرا فى وسط الطريق فأسرع التلاميذ وتعاون معهم مينا لإبعاد الحجر عن الطريق».

 

وفى كتاب التربية الدينية الإسلامية المقرر على الصف الأول بالترم الثانى وحدة كاملة بالصور تتحدث عن التحية فى الإسلام ووجوب إلقاء التحية على الناس مسلمين كانوا أو غير مسلمين لأن الإسلام دين سلام.

 

أما كتاب التربية الدينية المقرر على الصف الثانى الابتدائى فى الترم الأول فيؤكد أن الإيمان بالله وبالرسل أجمعين هو من تمام كمال الإيمان فلا فرق بين نبى وآخر فالإيمان بالرسل جميعا شرط من شروط الإيمان بالله، أما فى الترم الثانى فيتضمن الكتاب وحدة كاملة عن التهنئة بالمناسبات، ووحدة خاصة عن التعاون ووحدة ثالثة عن التسامح.

 

وفى الوحدة الخاصة بالتهنئة بالمناسبات حرص الكتاب على توضيح حكم التهنئة لغير المسلمين فى مناسباتهم، مع ضرب أمثلة على ذلك من أعمال النبى صلى الله عليه وسلم، كما يوضح المقرر أن الله تعالى أحل لنا أكل طعام أهل الكتاب وأن طعامنا يحل لهم، وفى درس التسامح يبين الكتاب قيمة التسامح مع الناس جميعا فالمسلم الحق يتسامح مع المسلم وغير المسلم.

 

أما فى كتاب التربية الدينية للصف الثالث الابتدائى فيدرس الطلاب دروسا عن فضيلة الصدق وعن الأمانة فى التعامل، وعن الوصية بالجار، وجميعهم يتصلون بعلاقة المسلم مع غيره مسلمين وغير مسلمين، ففى درس فضيلة الصدق يتعلم الطلاب ضرورة التحدث بالصدق سواء مع المسلمين أو غير المسلمين، مبينا أن الكذب صفة بغيضة يكرهها الناس، أما درس الوصية بالجار فقد انصب على الجار غير المسلم وكيف أمر الإسلام بحسن معاملته وأن الجار المسلم وغير المسلم لهما معا نفس الحقوق والواجبات وأن نراعى شعورهم وأن نحافظ على عدم إيذائهم.

 

كما نجد فى كتاب التربية الدينية لطلاب الصف الرابع دروسا متعددة أيضاً حول علاقة المسلمين بغيرهم، فمن ذلك المقرر دروس حول التاجر الصدوق الذى يتاجر مع الناس سواء كانوا مسلمين أو غير مسلمين، شارحا معنى حديث النبى عليه الصلاة والسلام «من غشنا فليس منا».

 

المرحلة الإعدادية

وفى المرحلة الإعدادية يدرس الطلاب فى السنوات الثلاث مادة أصول الدين، ففى الكتاب المقرر على الصف الأول الإعدادى بالمعاهد الأزهرية، جاء فى مقدمته بالصفحة الثالثة أن الكتاب يبين علاقة المودة بين المسلمين وغير المسلمين، ويبين الحقوق والواجبات المقررة على كل منهما، بالإضافة إلى الأحاديث النبوية الشريفة التى تظهر سماحة الإسلام، وسماحة خلق النبى عليه الصلاة والسلام، مع جانب من سيرته وتعاملاته مع غير المسلمين.

 

فيما يتضمن نفس الكتاب فى الصفحة «62»، فى درس المساواة بين الناس فى الخلق، أن المساواة على مبدأ المواطنة، فى إشارة إلى أن المسلمين والمسيحيين سواء شركاء فى الوطن، كما جاء فى الصفحة رقم «65» فى الدروس المستفادة من موضوع «آداب التحية فى الإسلام» أن تكون علاقة المسلم مع الناس مسلمين وغير مسلمين طيبة.

 

بينما تضمن الكتاب ذاته درسا كاملا عن علاقة المسلم بغير المسلمين فى الصفحة رقم «88»، فى تفسير قوله تعالى (لا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِى الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ).

 

وساق الكتاب ذاته أيضاً حديثا شريفا حول معاملة المسلم مع الناس مسلمين وغير مسلمين، فى الصفحة رقم «115»، فى شرح حديث النبى (المسلم من سلم الناس من لسانه ويده، والمؤمن من أمنه الناس على دمائهم وأموالهم)، كما تضمن الكتاب أيضاً شرح حديث النبى وبراءته من أهل الغدر وهو حديث (أيُّمَا رَجُلٍ أَمِنَ رَجُلا عَلَى دَمِهِ ثُمَّ قَتَلَهُ، فَأَنَا مِنَ الْقَاتِلِ بَرِىءٌ، وَإِنْ كَانَ الْمَقْتُولُ كَافِراً) وذلك فى صفحة رقم «122».

 

أما كتاب أصول الدين المقرر على الصف الثانى الإعدادى بالمعاهد الأزهرية، فقد تضمن درسا فى الصفحة «56» حول انصاف أهل الكتاب، كما تضمن الكتاب درسا كاملا حول تأمين غير المسلم فى الصفحة رقم «125».

 

ويتضمن كتاب أصول الدين المقرر على الصف الثالث الإعدادى فى الصفحة رقم «85» موضوعا بعنوان مخاطبة أهل الكتاب، وذلك في إطار تفسيره للآية الكريمة (وَلَا تُجَادِلُوا أَهْلَ الْكِتَابِ إِلَّا بِالَّتِى هِيَ أَحْسَنُ إِلَّا الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْهُمْ وَقُولُوا آمَنَّا بِالَّذِى أُنزِلَ إِلَيْنَا وَأُنزِلَ إِلَيْكُمْ وَإِلهُنَا وَإِلَهُكُمْ وَاحِدٌ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ).

 

كما تضمن درسا كاملا فى الصفحة رقم «131» تحت عنوان رعاية حقوق غير المسلمين، فى شرح حديث النبى (مَنْ قَتَلَ مُعَاهَداً لَمْ يَرِحْ رَائِحَةَ الْجَنَّةِ وَإِنَّ رِيحَهَا تُوجَدُ مِنْ مَسِيرَةِ أَرْبَعِينَ عَاماً) مع بيان حكم المواطنة فى الإسلام، وأن المسلمين والأقباط جميعهم مواطنون، وأن النبى عليه الصلاة والسلام أسس دولة الإسلام فى المدينة وبها مواطنون غير مسلمين، بل كان هناك يهود أخذوا العهد من النبى عليه الصلاة والسلام وعاشوا بين المسلمين بنفس الحقوق والواجبات.

 

الثانوية

وفى  المرحلة الثانوية يدرس أبناء المعاهد الأزهرية -أسوة بالتربية والتعليم- مقررا دراسيا كاملا من كتاب «المواطنة وحقوق الإنسان»، للصف الثانى الثانوى بقسميه الأدبى والعلمى، بمختلف المعاهد الأزهرية، وذلك انطلاقا من إرساء دعائم المواطنة فى أشبال الأزهر الشريف، وغرس القيم الدينية التى تحض على التعايش السلمى المشترك، وقبول الآخر، وبهدف الحوار البناء القائم على الاتفاق.

 

ويستهل كتاب «المواطنة وحقوق الإنسان» مقدمته بشرح لأهمية دراسة قيم المواطنة وتعزيز السلم، وإقرار حقوق الإنسان، ويتضمن أربعة فصول خاصة بالمواطنة، وحقوق الإنسان، ودور المرأة فى المجتمع، وأهمية العمل التطوعى من أجل الوطن، وقد تمت مراعاة التركيز فى هذا الكتاب على المفاهيم الأساسية للمواطنة والقيم التى تدعو إليها، وضرورة المشاركة الإيجابية للمواطنين، بالإضافة للتأكيد على أهمية إبراز الهوية المصرية الوطنية وتعزيز روح الانتماء للوطن.

 

المرحلة الجامعية

لم تختلف المواد التى يدرسها الطالب الأزهري فى المراحل الأساسية عن المواد التى يدرسها بالمرحلة الجامعية، فمواد كليات جامعة الأزهر، تناولت علاقة المسلمين بالمسيحيين باتساع وتفصيل، وخصصت الكليات التى تدرس العلوم الشرعية والفقهية، ككلية الدعوة الإسلامية، وكلية أصول الدين، وكلية الشريعة والقانون، مواد ثابتة يدرسها الطلاب بطول المراحل الدراسية، بحكم أنهم متخصصون فى مواد التراث الإسلامى.

 

فتدرس كلية الدعوة الإسلامية عددا من الكتب المتخصصة لتخريج دعاة أزهريين يحملون المنهج الوسطى، حيث يدرس طلاب الفرقة الأولى بالكلية مواد «الثقافة الإسلامية، والملل والنحل، والفرق الإسلامية» ويتضمن كتاب الثقافة الإسلامية موضوعات حول المواطنة فى الإسلام، وعلاقة المسلمين بغيرهم، والدروس المستفادة من حياة النبى، وعلاقته بالمسلمين وغير المسلمين، ووجوب تأمين أهل الكتاب.

 

فيما تتضمن مادة «الملل والنحل» التى يدرسها طلاب الكلية بدءا من السنة الأولى، وحتى السنة الرابعة، على دروس متخصصة فى الأديان السماوية، ومنها المسيحية وعلاقتها بالإسلام.

 

أما طلاب الفرقتين الثالثة والرابعة بكلية الدعوة فيدرسون مادة متخصصة حول «الاستشراق والتبشير»، تتناول الأسس التى بنى عليها الإسلام علاقاته مع العالم، وبخاصة المسيحيين وعلاقة النبى بالمقوقس، وكذلك النجاشى، وعلاقة النبى بمسيحيى مصر، هذا في حين يدرس طلاب كليات الإعلام والتربية واللغات والترجمة موادا متخصصة فى التعايش والمواطنة وقبول التعددية كمادة «التاريخ الإسلامى»، ومادة «تيارات فكرية معاصرة».

تصنيفات