يحتار الوالدان أمام تفسير وجوه يبديها الطفل أثناء الأكل امتعاضاً أو قبولاً. وفي مرحلة ما، يجد مُعظم الآباء والأمّهات أنفسهم جالسين مُتجهّمين بين فُتات البطاطس المهروسة المتناثر في وقت تناول الطعام المأساوي، ليتساءلوا عمّا يحاول طفلهم العزيز إخبارهم به.
والآن، يبدو أن المساعدة قد صارت في متناول أيديهم، بعدما زعم عدد من علماء النفس المتخصصين في دراسة سلوكيات الرُّضَّع أنهم توصَّلوا إلى فكِّ شفرة معاني الوجوه التي يبديها الأطفال، حين يُفطمون عن الحليب ويجرّبون تناول طعام جديد.
وبشكلٍ عام، تُعتبر الاكتشافات الجديدة هذه أخباراً إيجابية.
والرسالة الرئيسية، وفقاً للخبراء، هي عدم الاستسلام، فغالباً ما يفترض الآباء أن أطفالهم يكرهون الطعام الجديد الذي يُقدّم إليهم، في حين أنّهم فحسب يحاولون الاعتياد عليه.
على سبيل المثال، لا ينبغي أن يؤخذ إغلاق الفمّ وتحويل البصر باعتبارهما علامة على كراهية الطعام، بل إنه ببساطة الوجه الذي يبديه الأطفال حين يُقدّم إليهم طعامٌ لاذع.
وبالمثل، فإن نظرة الدهشة، أو حتّى القلق، لا تعنيان الرفض، بل هذا هو الفضول الذي يعتري الطفل حين يجرّب نكهة جديدة.
وحتّى العلامات الكلاسيكية للكراهية، مثل التحديق بعينين نصف مغمضتين أو خفض الحاجب لا ينبغي أن تُثبّط من عزيمة الآباء والأمّهات، لأن الأطفال حين يرفضون الطعام الذي يقدّم لهم سيبعدون وجوههم عنه تماماً، بحسب الدليل.
9 وجوه يبديها الطفل أثناء الأكل
1- «لا» قاطعة
2- أنا لست متأكّداً
3- تجعيد الأنف ورفعه
4- الأمر ليس بهذا السوء
5- مصّ الليمون
6- أجل أحبه من فضلك
7- ما هذا؟
8- أنا لا أحبّه
9- الامتنان
تعابير الطفل وسيلة للتعرف عليه أكثر
قام خبير علم النفس التطوّري، الدكتور كاسبر أديمان، من كلية غولدسميث البحثية بجامعة لندن بتجميع الدليل الجديد بشأن تعبيرات الأطفال، الذي حمل اسم «Nine Faces of Weaning» أي «الوجوه التسعة للفطام»، بالتعاون مع شركة Piccolo لأغذية الأطفال.
وقال كاسبر لصحيفة Telegraph: «تعلّم قراءة تعبيرات طفلك الجديدة وقت الطعام لا ينبغي أن يكون تجربة قاسية، تماماً مثل تعلّم تفسير علامات أن يكون طفلكم راغباً في النوم، أو جائعاً أو سعيداً، تقديم الأطعمة لصغيركم لأوّل مرّة يعني أنكم ستعرفون الطفل على نحو أفضل؛ فتفهمون ما الذي يعنيه حقاً الحاجبان المُنكمشان، والأنف المجعّد، والفم المفتوح، وما الذي يعنيه هذا بالنسبة لمذاق جديد».
وتابع: «بالتأكيد، إذا كان الطفل حقاً غير سعيد، فإنكم ستعرفون ذلك».
النكهات الحلوة أكثر قبولاً لذا وجب التنويع
وتميل النكهات الحلوة والسائغة إلى تلقّي ردود الفعل الأكثر إيجابية من الأطفال المفطومين، ربّما لأن حليب الثدي له النكهتان نفسهما.
ومع ذلك، يُحذّر الدليل الآباء والأمّهات ألا يقصروا حمية أطفالهم الغذائية على تلك المذاقات التي تجعله يبدو قانعاً، لأنه كلما زادت المذاقات التي يُجرّبها الأطفال في مرحلة مبكّرة، ازدادت احتمالية أن يتّسع مذاقهم لأطعمة كثيرة لاحقاً.
بالإضافة إلى ذلك، لا ينبغي أن يتسبب فم الطفل المفتوح عند تقديم الخضراوات للأطفال في ردع الآباء والأمّهات.
فهذا هو مُجرّد رد فعل نموذجي للمذاقات المرّة.
وأخيراً، قد يستغرق الأمر 12 محاولة
وتقول أليس فوثرنغهام، خبيرة تغذية الرضع لدى شركة Piccolo: «من الطبيعي أن يكره معظم الآباء رؤية أطفالهم في حالة من الضيق، لذا فهم يميلون للتخلّي عن الأطعمة الجديدة عندما يُبدي الطفل ما يظنون أنه وجه غير سعيد».
وأضافت: «مع ذلك، قد يستغرق الأمر 12 محاولة إلى أن يعتاد الطفل على الطعام الجديد، لذا فإن فهم دلالة تعبيرات وجوه الصغار قد يكون مفيداً في مساعدتكم على المثابرة، لاسيّما إذا أردتم التأكّد من إعطاء طفلكم الأطعمة المتنوّعة وجميع العناصر الغذائية الصحيحة».
وأشارت دراسات سابقة إلى أن الآباء البريطانيين أقلّ صبراً ومثابرة من غيرهم في أوروبا، حين يتعلّق الأمر بتقديم أطعمة جديدة لأطفالهم.
وتوصّل استطلاعٌ صادر عن مؤشّر «European Toddler Nutrition Index»، المعني بتقييم تغذية الأطفال في أوروبا في عام 2013، إلى أن 26% من الأطفال الذين تقلّ أعمارهم عن 5 سنوات في المملكة المتّحدة يُسمح لهم برفض الوجبات مرّة واحدة على الأقل يومياً، مقارنة بـ 15% في فرنسا وألمانيا.

